الأحد، 30 أكتوبر 2011

اخر حواراتي مع سقراط الحكيم (3)


(3)
هروب .. الى دركات سفلى






(.. سلة أحلامي يحمل الكثير
فقط أحتاج ان أسلك الطريق الصحيح ..!)
ــــــــــــــــــــــ


-: هل تجدين نفسك جميله ؟
-: يتوقف على معنى الجمال التي تبحث عنه !
-: أتحدث عن العموم الجمال الظاهري والداخلي.. هل تقسين على نفسك .. هل جربتي التغزل في محاسنك
-: تغزل !!
-: لا أطلب منك تكونين نرجسية الذات ..ولكن هل تعطين لنفسك القدر من الاستحقاق
وان تقفين أمام المرأه وتبتسمين وانت تتأملين شكلك ؟
-: لا أعلم ..فـ رضائي عن نفسي حالياً منخفضاً جداً




لا اعلم متى كان أخر مرة قمت بعمل أبهج به نفسي .. أعمال بسيطه ولو تافهه
لقد انهكت نفسي بالكثير .. حتى اني نسيت متى أخر مرة تأملت فيه شكلي في المرآه
دون مايكون لأصلاح شكلي الخارجي فقط ..
أحساس اني مجرد بقايا روح متعبه , رغم اني لم اكمل 24 من عمري
كم هو بشع ان تشعر انك تهبط الى القاع ولا يوجد من يمد لك أيدي آلانتشال منه
انا مجرد خيال لما كنت عليه في الماضي .. مجرد بقايا فتاة محطمه ..





-: مالذي كنتي تبحثين في نفسك ..وتاه عنك ؟
-: أبحث عن احلامي التي فقدتها .. فما أنا لإ وسط غمرة ضياع
-: ولكن مازال في مقدورك تحقيق آحلامك ! فأنت في مقتبل عمرك وربما لم تبدأي
طريق الصعود فقط !!
-: لكن أحس بالتعب , عدم الجدوى من البحث عن الاحلام .. وكأن عجوز في الثمانين تتلبسني
-: أحساس الوهن ,خذلان النفس.. دليل على كراهيتك لنفسك ! لا شيء يستحق لتكرهي ذاتك
-: لا أكرها ..
-: ولا تحبيها
-: لا اعلم ! ربما لم اعطها القدر المستحق من المحبه
-: ماذا تحبين لكي ترفهي عن نفسك ؟




لطالما عشقت ان اقوم بأكثر الاعمال جنونيه في الماضي .. كنت حية جدا
أمتلى بالطاقه والحياه , أتنفس السعاده وجميع من أحبهم حولي
كنت أركض في بعض الاحيان حتى يكاد ينقطع انفاس من التعب ..ولكن أحساس
الهواء أثناء ركضي وهو يندفع بسرعه الى رئتي ورغم أحساس الحرقه من أندفاعه .. ثم لهيثي من التعب
..يمنحني شعور طاغي بالسعاده
كنت أهوى تأمل وجوه الناس ,,المارون هنا والغادون دون وداع منا ..فيرتسم خيالاتهم
في ذاكرتي فأختزلها رسومات في أوراقي ..كم كنت ماهرة في رسم تلك الملامح بتفاصيله
الدقيقه , حتى تكاد أرمش الأعين ان تنطق بالحياه ..
لقد زهدت هذه الحياه ..زهدت العيش فيه , و لم يعد تعني لي لإ مجرد قبراً أخر من الانتظار




-: لا أعلم .. كنت في الماضي أحب الرقص كثيراً ..احببت الرياضه و الجري خاصه
كنت احب تجربة الامور الجديده ..كاتلك المره التي جربت فيه لعبة خطره في مدينةالالعاب ..ورغم الرعب
الذي ملىء نفسي و سرعة دقات قلبي لإ أني كنت سعيدة جداً
-: ماذا حصل الان أذا! مالذي مات فيك
-: لا اعلم .. كلما غصت في حياتي أكثر ..كلما تنبهت اني عالمي ليست مجرد ساحة ترفيه كبيره
كلما علمت ان المسؤوليات الملاقاه علي تزيد كل يوم صعوبة ..





رشا !.. أختي الصغرى .. تلك النرجسة البيضاء , الهادئه , الجميله
التي لم تكمل بعد 16 من عمرها , المتفوقه دراسياً , المثالية جداً
مالذي أستحقتها كي تكون فريسة مرضها الذي يجعلها في كل مره طريحة الفراش لاسابيع
لم يكن تشخيص مرضها بالامر السهل .. فقد كان في البدأ شيء ما يصيب نخاعها العظمي يسبب أضطرابات
في انتاجها للدم ..حتى شخص مرضها انه لوكيما فقد كان عندها أضطراب في انتشار الخلايا البيضاء
..لقد بدأ معاناة التعب معها منذ العام الفائت عند تشخيصه ..تم زرع خلايا جذعيه جديده
..ثم معالجتها بالعلاج الكميائي , وكلما تحسن صحتها لأسابيع انتكست حالتها لاشهر أخر..






-: ماهو طبيعة المصاعب التي تواجهك ؟
-: أمور كثير أحمل همها , أولها مرض أختي ..مازلت صغيرة غضه ,اخاف ان استيقظ ذات
يوم وأجدها قد رحلت ..ان فكرت موتها يقتلني جداً .. انها اختي الوحيده , صديقتي المقربه , كل
ماأملك من حياتي الان , ولا اريدها ان تنتهي
-:المعاناه جزء من تكويننا البشري في هذه الحياه .. فكلما زادت تلك آلم زاد تأكدنا اننا
أحياء واننا نتشبث أكثر بالحياه ..
-: الحياة !! أي حياة تنتظر أختي المسكينه !
-: ألهذه فقدتي الامل ؟
-: لا , لا اعتقد انه بسببها , لقد كنت سعيدة جدا سابقاً , وهي فقط جزء من أحزاني
فأنا الان احصي دقائق ضحكاتي
-: ولكنك تجبرين على قتل نفسك بسبب أرتباطك بسبب أخر ! هل تجدين
في هذه عدلاً !!
-: اذا كنا لا نتشارك في معاناتنا الانسانيه ! فهل نستحق أنسانيتنا ! فما بالك اذا كانت
صلة القرابة شديدة ..
-: لا اقصد ان اكون فضاً معك ! من حقك الحزن .. الغضب .. وحتى الاحتجاج
ولكن ليس من حقك قتل روحك ..
-: روحي ! لقد مات على ما اعتقد
-: كلا لم يمت , ابحثي عنه فقط ..ستجيده , حيث تركتيه مركوناً عند آخر حزناً لك
-: بل ضاع , ولن اجده
-: ابحثي عنه في الامور الجميله التي تحبينها ..ابدئي بعمل أحتفالية لرجوع هذه الروح
-: لقد نسيت كيف ان افرح
-: فالتتدربي على الفرح أذا.. أسترخي قليلاً وأجعلي لنفسك متسعاً ليعود أليك الامل
-: وهل يعود حقاً الاشياء بعد ضياعها !
-: دام تمليك العزم على احياءه ..
-: تعبت من الحزن ..أحتاج حقاً الى راحه..والى شيء أفتقده كثيرا ً

الى سعاده ..

يتبع ..

الأحد، 23 أكتوبر 2011

اخر حواراتي مع سقراط الحكيم (2)


(2)
البحث عن مجدي الخاص 
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

(اني ابحث عن خلود ..
عن مجد يستحقني )

ـــــــــــــــ




لا أرى في نفسي لإ فتاة عاديه جدا ..كلا ! اقل من عاديه ..أكاد اجزم اني أتحول لغير مرئيه
في بعض الاحيان.. كألاشباح الماره في قارعة الطريق !!
أسير ..فاتخبط في سيري ..
منذ وجودي وعند خطواتي الاولى ..لم يكن هناك من يشعرني بتميزي ..
كلا ..كان هناك والدي
ونظرات الفخر يأمله ..لاني كنت فقط .. أبنته
لقد آمن اني خلقت لإتميز ..
فسنوات من مخاض انتظاري .. ماهو دليل لإ ان سأهب للعالم شيء ما يتذكرني ..








-: ماعلاقة أمل مفقود ..بمجد أسعى أليه
أجابني سقراط -: عندما نقف في ساحة أنتظار لحياتنا البائسه ..لسبر آغوار هدفاً ما
فأنه فقط فكرة هذه الهدف.. هو فقط ما يجعلنا نسعى اليه ..
ابحثي عن هدفك في حياتك ..لماذا انت ..وماذا فعلتي لاستحقاق هذه الحياه
وقتها تستطيعين التركيز على مالذي تريده ..مالذي يجعلك حقا تتعلقين بتلك الحياه
الفكره !
ماهو تلك الامل !!
تكوين هدفاً ..ومجداً تفخرين به !








المجد !!
عندما كان يلاعبني أبي ..كان ينظر الى عيني ويقول لي : اعلم سيكون لك شأن !
كنت مجرد فتاة هزيله وكنت أكثر هدوءاً وسكوناً من أقراني ..في الحقيقة اكثر أنطوائية مما يجب
كان والدي يحب اصطحابي معه كثيراً ..قد يفيد في كسر انطوائيتي
رؤيتي لهذه العالم .. فهي اكثر جدوى من ملازمة ألعابي ودماي..
كان يصحبني الى شاطيء البحر ..مازلت أتذكر برودة تلك الايام والهواء يلفح بشده وجهي
فأحاول احتمائها بكفي الصغيرتين ..فينظر الي والدي ..ويبتسم
عليك التعود في مواجهة كل صعاب هذه الحياة أبنتي _ كان يحدثني أبي _ فالاختباء والهروب
هي سمة الضعفاء فقط ..واجهي قدرك ..بثي القوه في داخل نفسك الطريه
عليك التعلم ان لا تتنازلين عن ماهو لك أبدا ..وان تتعلمين ان كل ضعيف له في مقابله
قوي ينتظر أنكساره ليثب فوقه ويأكله ! نحن في عالم مخيف الان يـ أمل !
وعليك التعلم لإ تؤكلي ..ولإ تكوني وجبة شخص ينتظر أنكسارك ..
ولكن لن أقلق عليك ,.. أعلم انه خلف تلك الهدوء يقبع ذكاءاً كامن ..أعلم بوجوده








-: لماذا هذه الصمت ؟
-: لا شيء ! أبحث عن الفكره !
-: هل ترين في نفسك جميله !
-: عفواً !!
-: هل تحبين نفسك !! هل تجدين نفسك جميله
-: ولكن ماعلاقة هذه بالامر !
-: لها كل العلاقه .. فكلما زاد ثقتنا في انفسنا ..زاد نجاحنا في بلوغ آمالنا
فأنت اذا أحببتي نفسك ..و وهبتيها المحبه المستحقه ..ستهب لك قدرك من النجاح
لا تتوقعي ان تسعين لمجداً طالما قللتي من شأن نفسك !
-: لا أقللها
-: ولا تحفزينها ايضا ً..أنظري ..هناك انواع من البشر تعودت على جلد الذات
وكأنهم بسباق مع تكفير لذنوب لم يرتكبوه ..يحاولون بلوغ الكمال
في ألم ! يجدون هذه النوعية من السادية على أنفسهم تحرر لهم ..وان كان في الحقيقه قهر لهم وقتل لانفسهم
-: وربما ليست جلداً للذات بأكثر ما هي تحذير أنفسهم عن حماقات قد يرتكبوه
-: وأي حماقات قد تحدث ! خوض مغامرة مجنونه ..البحث عن الحقيقة
المعرفه لما وجدوا على الارض ..وماهو دورهم فيها !
تجربة أمر قد تغير من حياتهم للابد ..وقد يصلون الى أستحقاق الخلود عند الذكر !
-:لكن ليس الكل لديهم هذه الرغبه في البلوغ لها ..
-: وهنا يجب البحث داخل أنفسنا ..هل حقا انا مستعد ان اعيش حياتي بمنظور أخر غير التي أعتدت عليه
تمكني من بلوغ هدفي ..الفكره !
-:قد نحقق الفكره بأي طريقة كانت ..ولا داعي لاعمال بطوليه ,فليس كل الناس خلقوا أبطالاً
-: بالضبط ! ليس كل البشر خلقوا أبطالا ..ولكن من يحدد ان كنت من يستحق ان يكون بطل ..او انك شخص عادي من بقية كل الناس !!
-: ماذا !!
-: البحث عن دواخلنا ..النظر الى مرأة لانفسنا ..هل نستحق هذه التكريم
-: لكن كيف نعرف ؟
-: لن نعرف أذا لم نسعى لها .. هؤلاء أشخاص قبعوا في خانة المجهولين ..الى ان قلبوا حياتهم في يوم ما
فقط لانهم طلبوا لهذه السعي لهذه تميز..
-: أذا كل من سعى في سبيل مجده حاز على هدفه
-:نعم ..كل من يسعى الى مجده ! ولكن يختلف نظرات الناس لتقيم هذه الاعمال او البطولات..
-: كيف !
-: على سبيل المثال .. أودلف هتلر ..الزعيم النازي ..وأحد أشهر زعماء مروا على الانسانيه
رغم سعيه لتحقيق مجده ..أرتكب الاخطاء وسار في الطريق الخاطي .. وجعل منه مجرد مجرم أكثر من
من كونه بطل , على الاقل بطل في عيون محبيه , مجرم في عيون العالم ..ورغم أختيار من مجلة
تايم واحدًا من بين مائة شخصية تركت أكبر الأثر في تاريخ البشرية في القرن العشرين..لإ ان أختياره كان
في سبيل التأثير المباشر على الناس ..وبالطبع لم يعرجوا على القيم الاخلاقيه لديه..
-: ومافائدة السعي أذا سنحسب حساب لآراء الناس في معتقداتنا وآهواءنا
-:ليس عليك ان تحسبي حسابهم .. ولكن نحسب حساب النظره الاخلاقيه التي ستجله التاريخ لك ..فالتاريخ
في نهاية الامر تبرز ماكان عليه منتصرون ,ومن ضمنها نواحيهم الاخلاقيه ..التي ستحدد اما انك تستحقين
مجد البطوله , او الركون في خانة السيئيين
-: اذا التاريخ هو من يحدد طبيعة مجدي , او الناس , او أنا !؟
-: النظره ستختلف من تاريخ مدون الى آراء بشر وحتى النظره الشخصيه لنفسك ! ويجب ان تختلف فهذه
طبيعة الامور التي تحدده تقافة المجتمعات ..
لانخذ بسبيل مثال , تشي جيفارا ! والتي للمناسبه (تشي)هو لقبه وليس اسمه والتي تعني الرفيق أما اسمه
كان ارنستو, هذه الثائر ذي الاصول الارجنتينيه الذي أستسقى جميع التعاليم الاشتراكيه الماركسيه وسعى
حقاً لمجداً في تحرير كوبا مع رفاقه ..ثم ما تلى من مناصب تقلدها وحركات ثوريه حاول القيام بها , ينظر
شباب العالم اليه كارمز للثوره والحريه و العز والكرامه ..بينما التاريخ تسجل له وقائع تحوله الى سفاح
أكثر ماهو بطلا ً, فقد عرف عنه انه كان عنيفا وحاد الطباع ويسيء معاملة الجميع. ولأسوء من ذلك أن
جيفارا كان يقتل، أو يأمر بالقتل، بمنتهي السهولة وكأنه يشرب كوبا من الماء! فهو القائل انه كان يقتل للشك
فقط .. عجز عن كسب محبة المواطنين الكوبيين الذين يجدونه مختلفا عنهم فقد كان متعجرفاً غامضاً
بل انه دخل التاريخ باعتباره أكبر قاتل جزار للثورة الكوبية ..
هل تعلمين اين السخريه القدر في الموضوع !! ان من حوله لرمز هم أعداءه !
فقد كان رمز الثوره ضد الامبرياليه الرأسماليه ..فستغل من قبل الرأسماليون أنفسهم للربح,
فطبع صوره على القمصان والقبعات وميداليات ..وروجت له هوليوود في أفلامها بأعتباره عظيما..
و أعدءه الذين لطالما حارب فكرهم وسياستهم ..حولته الى بطل أسطوري يقتدى به شباب العالم الحديث ..
-:أذا لا وجود لابطال في الواقع ..لا وجود من يستحقون الخلود
-: كلا يوجد , والذي يحدد درجة هذه البطوله مدى أعجاب الافراد بهم ..ومدى القدره على طمس الحقائق
وأظهار مايردون ان يروج عنهم ! فالعالم بحاجة الى أيقونة لتسير على أثرها ..وأذا لم يوجد الايقونه المناسبه
أختلقوا لهم أيقونتهم الخاصه ..
-:وهل البطوله يكمن في الدماء والقتل !؟
-: لو كان يكمن في الدماء والقتل , لما خلد المهاتما غاندي ..وهو الذي روج للطرق السلميه في أنتزاع
النصر , فهو يقول: ( ان العين بالعين تجعل العالم بأكمله أعمى !)
-: ولكن مازلت لا أفهم ! ماعلاقتي بهم , فهؤلاء سيبقون عظماء مهما كانوا سيئيين او جيدين , ولا اعتقد
سأقترب من بلوغ مجدهم ..
-: لهذه يجب تحفيز نفسك الداخلي.. البحث ان كنت انسانه مميزه حقاً , او مجرد رقم في تعداد الاناس
العاديون
-: وهل بالطريقة هذه سأصل الى لأمل !؟
-: يتوقف على أجابتك التي لم تجيبي عليه عندما سألتك !
-: أي سؤال !؟
-:هل تجدين نفسك جميله ؟؟




يتبع..